الإنترنت، هذا النسيج الرقمي الذي يربط العالم، لطالما كان ساحة مليئة بالتحديات الأمنية. على مر السنين، شهدنا عمليات اختراق هائلة استهدفت أكبر الشركات والمواقع، مخلفةً وراءها خسائر بمليارات الدولارات وتأثيرًا هائلًا على المستخدمين. في هذا المقال، نستعرض بالتفصيل أشهر 10 اختراقات هزت عالم الإنترنت وغيرت الطريقة التي ننظر بها إلى الأمان السيبراني.
1. ياهو (Yahoo) – 2013/2014
في عامي 2013 و2014، تعرضت ياهو لاختراق يعد من أكبر الحوادث السيبرانية في تاريخ الإنترنت، حيث تأثرت جميع الحسابات تقريبًا على المنصة، والتي بلغ عددها 3 مليارات حساب. تضمنت البيانات المسروقة أسماء المستخدمين، كلمات المرور المشفرة بشكل ضعيف، وأرقام الهواتف.
لم يكن حجم الهجوم وحده هو الصادم، بل إن الشركة لم تكشف عن الحادث إلا بعد مرور سنوات، أثناء مفاوضاتها مع Verizon للاستحواذ عليها. تسبب هذا التأخير في تقويض سمعة الشركة وتخفيض قيمة الصفقة بمئات الملايين من الدولارات. أصبح هذا الاختراق رمزًا للإهمال الأمني، ما دفع العديد من الشركات لإعادة النظر في استراتيجيات حماية البيانات.
2. سوني بيكتشرز (Sony Pictures) – 2014
تعرضت سوني بيكتشرز في عام 2014 لاختراق سيبراني خطير، كان له تأثير عالمي بسبب أبعاده السياسية. استهدفت مجموعة تُدعى Guardians of Peace خوادم الشركة وسرقت آلاف الوثائق السرية، بما في ذلك رسائل بريد إلكتروني حساسة، خطط إنتاج الأفلام، وحتى نسخًا لأفلام لم تُطرح بعد.
الهجوم جاء بعد إعلان الشركة عن فيلم “The Interview”، الذي أثار غضب كوريا الشمالية. كشفت البيانات المسربة عن مراسلات محرجة داخل الشركة، ما أدى إلى إحراج كبير وأزمات داخلية. أثّر هذا الاختراق بشكل مباشر على سياسات الأمن السيبراني في قطاع الإنتاج الإعلامي.
3. تارجت (Target) – 2013
في عام 2013، تعرضت تارجت لاختراق سيبراني أثر على ملايين العملاء. تمكن القراصنة من سرقة بيانات 40 مليون بطاقة ائتمان، بالإضافة إلى معلومات شخصية تخص 70 مليون عميل.
الهجوم بدأ باستغلال ثغرة في نظام إدارة الموردين للوصول إلى الشبكة الداخلية للشركة. تمكن القراصنة من زرع برمجيات خبيثة في أنظمة نقاط البيع، مما سمح لهم بسرقة البيانات بشكل مباشر عند تمرير البطاقات. الحادثة أدت إلى خسائر مالية ضخمة وثقة العملاء في الشركة تراجعت بشكل كبير، ما جعلها تتخذ تدابير أمنية صارمة بعد الحادث.
4. إيكويفاكس (Equifax) – 2017
تُعتبر حادثة اختراق إيكويفاكس في عام 2017 واحدة من أخطر الهجمات التي استهدفت شركات الائتمان. أدى الاختراق إلى تسريب بيانات شخصية لـ 147 مليون شخص، شملت أرقام الضمان الاجتماعي، تواريخ الميلاد، والعناوين.
الهجوم استغل ثغرة معروفة في خادم ويب لم تقم الشركة بتحديثه في الوقت المناسب. أظهرت الحادثة كيف يمكن للإهمال في إدارة الأنظمة أن يؤدي إلى كارثة. ترتب على ذلك خسائر مالية هائلة للشركة، بالإضافة إلى تسويات قانونية بلغت قيمتها 700 مليون دولار.
5. لينكدإن (LinkedIn) – 2012
في عام 2012، تعرضت لينكدإن لاختراق كبير أثر على بيانات حوالي 167 مليون مستخدم. شملت البيانات المسروقة أسماء المستخدمين وكلمات المرور، التي تم تشفيرها باستخدام تقنيات ضعيفة.
الاختراق أثر على ثقة المستخدمين في المنصة، وأجبر الشركة على تعزيز بنيتها الأمنية بشكل كبير، بما في ذلك اعتماد تقنيات تشفير أقوى ومصادقة ثنائية لتحسين الحماية.
6. أوبر (Uber) – 2016
حادثة اختراق أوبر في عام 2016 كانت مثالًا على كيفية تأثير التستر على الهجمات السيبرانية على سمعة الشركات. تم تسريب بيانات 57 مليون عميل وسائق عندما تمكن القراصنة من الوصول إلى خوادم التخزين السحابية للشركة.
بدلاً من إبلاغ المستخدمين والسلطات، حاولت الشركة إخفاء الحادث بدفع مبلغ 100,000 دولار كفدية للقراصنة. عندما كُشفت الواقعة لاحقًا، تعرضت أوبر لانتقادات واسعة، ما أدى إلى تغييرات جذرية في هيكلها الإداري وسياساتها الأمنية.
7. أشلي ماديسون (Ashley Madison) – 2015
في عام 2015، تعرض موقع أشلي ماديسون لاختراق أثار ضجة إعلامية ضخمة بسبب طبيعة المنصة. تم تسريب بيانات تخص 32 مليون مستخدم، شملت أسماءهم، عناوين البريد الإلكتروني، وحتى الرسائل المتبادلة على المنصة.
الاختراق لم يتسبب فقط في إحراج المستخدمين، بل أدى إلى أزمات اجتماعية ومهنية كبيرة، حيث ظهرت معلومات حساسة عن علاقاتهم الشخصية.
8. ماي سبيس (MySpace) – 2013
على الرغم من انخفاض شعبيته في ذلك الوقت، تعرض ماي سبيس لاختراق كبير في عام 2013 أدى إلى تسريب بيانات 360 مليون حساب. تضمنت البيانات عناوين البريد الإلكتروني وكلمات المرور التي كانت تُشفّر باستخدام تقنيات ضعيفة.
هذا الهجوم أظهر أهمية تحديث الأنظمة الأمنية باستمرار، حتى بالنسبة للشركات التي لم تعد في صدارة المشهد الرقمي.
9. أدوبي (Adobe) – 2013
في عام 2013، تعرضت أدوبي لاختراق أثر على بيانات 38 مليون مستخدم، إلى جانب تسريب كود المصدر لبعض برامجها الشهيرة مثل Photoshop وAcrobat.
أثار هذا الحادث قلقًا كبيرًا حول إمكانية استغلال البرمجيات المسروقة في تطوير برامج خبيثة، ودفع أدوبي لتعزيز سياساتها الأمنية بشكل كبير.
10. ماريوت (Marriott) – 2018
تعد حادثة اختراق ماريوت في عام 2018 واحدة من أكبر عمليات تسريب البيانات في قطاع الضيافة. تم تسريب بيانات تخص 500 مليون عميل، تضمنت معلومات حساسة مثل أرقام جوازات السفر وتفاصيل بطاقات الائتمان.
الهجوم استمر لأربع سنوات دون أن يتم اكتشافه، مما أظهر مدى ضعف أنظمة الرصد داخل الشركة آنذاك.
دروس من الماضي وصعوبات الحاضر
تكشف هذه الحوادث عن مدى خطورة التهاون في حماية البيانات الرقمية. مع التقدم التقني، أصبحت الهجمات السيبرانية أكثر تعقيدًا، لكن في المقابل، تطورت أدوات الحماية مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، التي تلعب دورًا محوريًا في رصد الأنشطة المشبوهة ومنعها.
ورغم ذلك، يبقى الأمن الرقمي سباقًا مستمرًا. الشركات تواجه تحديات يومية في حماية بياناتها، بينما يواصل القراصنة تطوير تقنياتهم. السؤال الأكبر الآن: هل يمكن أن تصبح هذه الحوادث جزءًا من الماضي فقط؟ الإجابة تكمن في مدى استثمارنا في الأمن السيبراني ووعينا بأهميته.