حسب دراسة استقصائية من قِبل “Nationwide“، توقّع 70% من الشركات الصغيرة حدوث ركود اقتصادي في عام 2023، لكن 37% فقط كانوا مستعدين لذلك، مما يعني أنّ كثيرًا من الشركات -خاصةً الشركات الصغيرة- كانت معرّضة لمخاطر الركود الاقتصاد، من تراجُع المبيعات وانخفاض عائد الاستثمار، بما قد يصل أحيانًا إلى الإفلاس، لذا كيف تستعد الشركات لمواجهة الركود الاقتصادي؟ وكيف تتجاوزه وتعزّز أرباحها كأنّ شيئًا لم يكُن؟
ما هو الركود الاقتصادي؟
يُعرِّف المكتب الدولي للبحوث الاقتصادية “The National Bureau of Economic Research” بأنّه انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي، يستمر أكثر من بضعة أشهر؛ إذ يُلاحَظ الركود عادةً عبر انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لربعَين سنويين متتالين. وتؤدي فترات الركود إلى فقدان الوظائف وانكماش الناتج الاقتصادي، بالإضافة إلى تراجُع الاستثمار التجاري.
تأثير الركود الاقتصادي في الشركات
قد يُؤثِّر الركود الاقتصادي في الشركات بطرقٍ مُتعدِّدة، فقد تتراجع المبيعات وعائد الاستثمار، كما قد تزداد عمليات تسريح العمال، وفيما يلي تفصيل ذلك:
1. تراجُع المبيعات وانخفاض عائد الاستثمار (ROI)
ينخفض إجمالي الطلب على الخدمات والمنتجات في فترات الركود الاقتصادي، مما يُترجَم فورًا إلى انخفاض في المبيعات لمعظم الشركات؛ إذ تميل الصناعات الدورية، بما في ذلك التصنيع والعقارات والسياحة إلى التعرّض انخفاضات حادة في المبيعات مع الركود الاقتصادي.
كما يؤدي تراجُع المبيعات وانخفاض طلب العملاء على خدمات الشركة إلى انخفاض العوائد المتوقعة على الاستثمار في الإعلان والإنفاق التسويقي، مما يُقلّل مكاسب الشركة.
2. تراكُم الفواتير غير المدفوعة
قد يؤدي الركود إلى تضخم الذمم المدينة للشركة، حيث تؤثر مشكلات السيولة على العملاء والشركات عبر سلسلة التوريد، فقد يكون العملاء الذين يدينون بأموال للشركة أبطأ في الدفع أو يتخلّفون عن موعد السداد، مما يجعل قدرة الشركات على مواجهة الركود الاقتصادي أضعف.
3. الإفلاس وتسريح الموظّفين
قد تواجه الشركة صعوبات في تغطية تكاليف الديون المستحقة، خاصةً مع تراجُع المبيعات والأرباح إثر الركود الاقتصادي، ومِنْ ثَمّ إذا لم تستطع تمويل ديونها أو تخفيف عبء السداد، فإنّها قد تضطر إلى إعلان الإفلاس.
كذلك قد تضطر الشركات الكبيرة والصغيرة إلى تسريح الموظّفين لتقليل التكاليف، خاصةً إذا كانت بحاجةٍ إلى عددٍ أقل من العمال لتلبية الطلب المنخفِض مع الركود الاقتصادي، فقد تجبِر الشركات الموظفين على العمل بجدية أكبر وزيادة إنتاجيتهم لتعويض الأزمات الاقتصادية أو نقص العمالة، لكن هذا قد يؤدي إلى انخفاض معنوياتهم بسبب الإرهاق، وتوقّف الزيادات في الرواتب، والخوف من فقدان وظائفهم مستقبلًا.
كيف يؤثر الركود الاقتصادي في الشركات الصغيرة؟
تُعدّ الشركات الصغيرة أكثر تضررًا من الشركات الكبيرة في حالة الركود، لأنّها أقل قدرة على تحمّل انخفاض الإيرادات وسط حالة الركود الاقتصادي المتزايدة، إذ تواجِه الشركات الصغيرة والناشئة صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لعملياتها، وغالبًا ما تعتمد على المدّخرات الشخصية وموارد محدودة أخرى، وبسبب صغر حجمها، فهي تفتقر إلى الاحتياطات المالية والنفوذ الذي يساعدها على الاستمرار في مواجهة التحديات الاقتصادية، مقارنةً بالشركات الكبيرة.
لذا فقد يكون المقرِضون أقل حماسًا بشأن إقراض شركة بدون احتياطات نقدية كبيرة وأصول رأسمالية يمكن استخدامها كضمان لسداد القرض خلال فترات الركود الاقتصادي، وذلك على عكس الشركات الكبيرة، كما لا تستطيع الشركات الصغيرة عادةً جمع الأموال عن طريق بيع الأسهم أو إصدار السندات، لذا فإنّ الشركات الصغيرة معرّضة بشكلٍ أكبر للإفلاس.
كيف تعزّز أرباح شركتك رغم الركود الاقتصادي؟
ثمّة بعض الاستراتيجيات التي تساعِد على تعزيز مبيعات الشركة وأرباحها رغم الركود الاقتصادي؛ أهمها:
1. وضع ميزانية دقيقة
الميزانية هي خطة الشركة المالية، التي تساعدها على التأكّد من أنّها على مسارٍ صحيح، فمن الجيد أن يكون لديك أهداف في الوقت الحالي وأيضًا في المستقبل، فيمكن للشركات تحديد أهداف بحسب مقدار الأموال التي ستجنيها وتنفقها وتوفرها، كما أنّه من الضروري التحقّق من تلك الميزانية من وقتٍ لآخر وتغيير بعض الأشياء إذا لزم الأمر.
ومما ينبغي الاهتمام به أيضًا توفير إعادة تمويل الديون المستحقة في غضون عامٍ إلى عامين مقبلَين، مع التركيز على الحفاظ على سيولة كافية لاستمرار نشاط الشركة خلال فترات الانكماش الاقتصادي.
2. تمديد فترة بقائك المالي
ينبغي في أوقات الركود تقليل النفقات والتركيز على تحسين المُنتَج أو زيادة المبيعات لضمان استمرارية العمل لأطول فترة ممكنة باستخدام رأس المال المتاح، كما ينبغي تقليل الإنفاق على أمورٍ غير ضرورية، وتقليل المبادرات الجديدة التي لا تُحقِّق نجاحًا سريعًا، فمن الضروري في أوقات الركود الاقتصادي التركيز على الحفاظ على سيولة نقدية كافية للبقاء والاستمرار في السوق.
3. زيادة التفاعل مع عملائك
أيضًا من الضروري في أوقات الركود الاقتصادي، أن يتواصل المدير التنفيذي مباشرةً مع كبار العملاء لتعزيز العلاقات ودعم المبيعات، وقد يكون ذلك غير مريح في البداية، لكن يجب تجاوز هذا الشعور، لأنّ البيع والحفاظ على ولاء العملاء هو ما سيُبقِي الشركة صامدة خلال الأوقات الصعبة.
وقد يظنّ أصحاب الشركات أنّ العمل على تطوير المنتَج هو أفضل خيار في أوقات الركود الاقتصادي، لكن الحقيقة أنّ تعزيز التواصل مع العملاء قد يكون أكثر فاعلية في تحقيق مبيعات أكبر.
ولا تنس أنّ البيع لعملاء حاليين بالفعل أسهل وأرخص من جذب عملاء جُدد، خاصةً في فترات الركود الاقتصادي، كما يمكنك تقديم برامج مكافآت لعملائك الحاليين، فهذا يُعزِّز ولاءهم لشركتك، كما يضمن استمرار السيولة النقدية والمبيعات خلال فترات الركود.
4. تعزيز التواصل مع مستثمري المشاريع الريادية
يُنصَح بالبقاء على تواصلٍ مستمر مع مستثمري المشاريع الريادية، خاصةً في أوقات الركود، وخاصةً عندما يكون هناك انخفاض في تقييم الشركات الناشئة؛ إذ يجب على الرئيس التنفيذي التأكّد من أنّ المستثمرين يرون إمكانات الشركة طويلة الأمد، مما يساعد في الحصول على التمويل اللازم مستقبلًا وبقاء الشركة في السوق.
5. حافِظ على أفضل موظّفيك
تجبِر فترات الركود الاقتصادي الموظّفين على إعادة التفكير في خياراتهم المهنية، فإذا بدأ الموظّفون في الشكّ في جدوى عمل الشركة، فقد يتلقّون فرصًا للعمل في شركات أكبر في السوق، والتي بمقدورها دفع رواتب أكبر، بالإضافة إلى المكافآت والمزايا الأخرى.
لذا خصِّص وقتًا للتواصل مع أفضل موظّفيك للتأكّد من تفهّم توجّهاتهم المهنية، فإنّ فقدان أفضل المواهب العاملة لديك سيكون له تأثير سلبي كبير على شركتك، لذا من الضروري المحافظة على أفضل موظّفيك، خاصةً في فترات الركود، وربّما يمكنك تقديم حوافز مناسبة لتفادي فقدانهم لصالح الشركات الأكبر التي تقدّم عروضًا مُغرية.
ملخص عن تعزيز أرباح الشركات في فترات الركود الاقتصادي
قد تواجِه الشركات مخاطر كبيرة خلال فترات الركود، مثل تراجُع المبيعات والفواتير غير المدفوعة، بالإضافة إلى مخاطر الإفلاس وفقدان أفضل الموظّفين، وتزداد تلك المخاطر مع الشركات الصغيرة، التي تمتلك فرصًا أقل في الحصول على قروض مناسبة لتمويل عملياتها.
لذا ينبغي وضع ميزانية دقيقة لمواجهة فترات الركود والتأكّد من تدفّق الأموال باستمرار إلى شركتك، بالإضافة إلى زيادة التفاعل مع عملائك وتقديم مكافآت لهم، فالحفاظ على المبيعات عبر العملاء الحاليين أسهل وأرخص من جذب عملاء جُدد، بالإضافة إلى تعزيز التواصل مع المستثمرين الذين يمكنهم تمويل أو دعم الشركة، وذلك إلى جانب تقديم حوافز لأفضل موظفيك لتفادي فقدانهم لصالح الشركات الكبرى التي قد تستغل فرصة الركود الاقتصادي ومحاولة الموظفين ذوي الموهبة البحث عن فرص أفضل مهنيًا.